الأربعاء، 30 مارس 2011

الإرادة الهشة…الإصلاح الزائف…الفشل المزمن… المؤشر:بيداغوجيا الإزعاج



هل تريد وزارة التربية الوطنية و أشياء أخرى في حكومة هذا البلد الحيوي فعلا إصلاح التعليم أو إنقاذ الإصلاح!؟
لا يمكن في الحقيقة أن أسمح لنفسي بأن ينتابني شك في ذلك لأن الأمر يتعلق بوزارة و ليس بالساحرة الشريرة أو *روبن هود* المغامر! و لكن الإرادة تقاس بالعمل و مدى مصداقيته و اتجاهه نحو هدف محدد بشكل مدروس و شمولي الرؤية، و هذا يتجلى في مراقبة الواقع و رصد ما يحدث فيه بفعل هذه الإرادة المطبقة…
لا أروم إنجاز قراءة لوضع إنقاذ الإصلاح أو المخطط الاستعجالي في إحاطة شمولية و لا حتى تحليل حيثيات، بل أريد رصد مؤشرات واقعية أتأكد بها من مصداقية النية الوطنية و الرغبة السياسية المتعالية.يعلم الجميع أن المدرسة المغربية و في إطار حفظ ماء وجه الإصلاح _ الذي أفشله الأساتذة بالدرجة الأولى حسب تقارير موجهة و خالية من روح المسؤولية، عوض الاعتراف بأن مسالك الإصلاح تعالت بسذاجة و بشكل غريب عن ظروف، عقليات و إمكانات مختلة كان من المفروض أخذها بعين الاعتبار قبل صياغة الأحلام بل الأوهام المقصودة_ في هذا الإطار كما سلف صاغت الوزارة المخطط الاستعجالي الذي يمكن القول أنه غير مسبوق من حيث ما خصص له على وجه التحديد من إمكانات مادية هائلة ستمكنه من بلوغ غاياته نسبيا مع التحفظ في شأن المستقبل البعيد، بما أننا دائمو البحث عن تحقيق أولويات لا انعكاس لها على تجذير البناء و تأسيس نمط للتخطيط الموضوعي العميق عوض التحقيق في مصداقية حيثيات الإصلاح منذ بدايته.

إلا أن وزارتنا مع ذلك بنت آمالا عريضة مشكوك في الرغبة الصادقة و المجدية التي صدرت عنها، على هذا المخطط/المكسب!
و سأعمل على ملاحظة الأمل العريض البيداغوجي الذي ولد فجأة مع القديس: *كسافيي روجرز* xavier roegiers، إنجيل الإدماج, ففي شبه لحظات ودون سابق إنذار تم تكوين مكوني المكونين و المكونين و هلم جرا إلى الأساتذة المنفعلين الذين و على الرغم من مطالبتهم بتغيير سلوكاتهم من ملاك للمعرفة إلى موجهين نحو التربية على الاختيار و الاختلاف و حرية التعبير و المساواة…هم مطالبون بتلقي التكوين دون سؤال أو نقاش اللهم الهامشيات من قبيل تحصيل الحاصل، فما بالك بالنقد و إلا كانوا ضد الواجب الوطني!
و الغريب في الأمر أن هؤلاء الأساتذة الذين أفشلوا الإصلاح بجهلهم و عقلياتهم القديمة و فضيع سلوكاتهم مطالبون باستيعاب الإدماج الذي أفنى في صياغته القديس *كسافيي* حياته، في أسبوع بدعوى أنهم أكفاء!
الواقع أن الكيل بمكيالين في هذا البلد الأمين لا يمكن أن ينتهي في غياب المسؤولية الوطنية و حضور تضارب النوايا الشخصية…
هذا من جهة، أما من جهة أسوأ فهو أن التوجيهات الرسمية المتعلقة بيداغوجيا الإزعاج لم تصل إلى المؤسسات التعليمية إلا بعد الشروع في تطبيق مقتضيات هذا التوجه التربوي الجديد، علاوة على تضارب ما جاء فيها، فما أن يستوعب الأساتذة جدولة إنجاز ما حتى تصدر مذكرة جديدة تعدل التواريخ و تغير المقتضيات بشكل يتجاوز التصحيح إلى التعارض و التعبير عن العشوائية و الجهل المنهجي و اختلاط الفردانية في صنع القرار بالمؤسساتية الفاقدة للتنسيق…
و مع ذلك عمل الأساتذة بتحد كالعادة رغم غياب التكوين المستمر إلا إذا استثنينا بعض اللقطات المحتشمة لغرض في نفس يعقوب، و رغم ضعف العدة و استمرار عراقيل الماضي و معيقاته من ظروف و بنيات تحتية لا تلائم حتى بيداغوجيا الصبر خاصة في العالم القروي الذي من المفروض أن يشكل بؤرة الإصلاح!
عملوا على الاجتهاد في استيعاب هذا الترنح المتخبط في عمى الإرادة، و هذه البيداغوجيا الجديدة و إرساء دعائمها، متجاوزين أسئلة المصداقية الحقيقية و الشفافية الواقعية، أسئلة الحاجة إلى بيداغوجيا الإدماج بهذا الشكل البهلواني قبل النظر فيما لها و ما عليها و عوامل الخصوصية…
إلا أن الوزارة كانت قد جففت الصحف و تجهزت للتأكد من سير تطبيق هذه البيداغوجيا السحرية، و المراقبة أساس تحقيق الغايات وفق التزام تعاقدي، لكن للأسف لم يساير مفهوم المراقبة الإصلاحات المزعومة و نهج التوجيه، المصاحبة، التشارك و الحوار، بل ظل على حاله أقرب إلى المراقبة البوليسية تروم تعليق الحجام… و في أقصى الحالات اكتفت بالمصاحبة التهديدية الصماء!
و هكذا بدأت اللجان مهمتها العجيبة على اعتبار أن الإرساء الأساسي قد اكتمل!
و إليكم نموذجا سيفضي إلى الخلاصة و هو من أبسط النماذج تفاديا لحياء النفس عوض الآخر!
زارت لجنة مؤسستنا التعليمية القروية خلال أسابيع الإدماج، و عوض مناقشة العوائق المعترضة لتطبيق هذه البيداغوجيا و اقتراح بعض الحلول، اكتفت اللجنة بعجالة بالتأكيد على إنجاز أسابيع الإدماج خلال المدة المحددة من قبل الوزارة بغض النظر عن إشكالات أسابيع إرساء الموارد من قبيل المعيقات الموضوعية التي تشوب تقديم الدروس على اختلافها و تنوعها. كانت الرسالة واضحة، *روجرز*تجاوز بشرية بيداغوجيته و الوزارة عمدته قديسا، فأنجلت الإدماج!جاء هذا على لسان المفتش: أنا نفسي لا أستطيع مناقشة *كسافيي*!هذا طبيعي فالفشل علّمنا أن نقتل التفكير، حتى أننا لا نجرؤ على تلقيب المرحوم محمد عابد الجابري بالفيلسوف!و نكتفي بالمفكر!
هذا و إن غضضنا الطرف عن النظرة الإنتقاصية للأستاذ و إمكاناته من خلال التباهي ببضاعة من العبث النظري و التبجح بما يُعتقد أنه وصول!تأتي الطامة الكبرى، إذ و في شبه أمر، طلب منا التوقف عن إتمام أسبوعي الإدماج و الشروع في إرساء موارد المرحلة الثالثة!و ذلك لأن الفترة المخصصة لهذين الأسبوعين قد انقضت! و في الحقيقة: الفترتان الثالثة و الرابعة جزائيتان!! و على ماذا تعول الوزارة سوى على النجاحات الكمية!!
و عندما تساءلنا إذا ما كان الأمر يتعلق بمدرسة أم بمصنع بالنظر إلى هذه الجدولة الجافة المتغاضية عن أي طارئ، ظرف أو خصوصية… و هل يتعلق الأمر ببيداغوجيا الإدماج من أجل الجودة و الفعالية أم بها في ذاتها؟!رحل المفتش و هو يمضغ كلمات مفادها و الله أعلم:إن الأمر يتعلق بـ: the big lebowsky (شخصية شريط أمريكي مشوش و أخرق و شاهدوا الشريط!)… و لا وجود لإرادة سياسية صادقة بعد، هو هاجس لإنجاح مشروع صرفت لإقامته أموال هذا الشعب المتعطش إلى الأفضل، يتعلق الأمر بنسب كمية تفيد كالعادة بلوغ أولويات فيما يدعون لا أولوية لها إلا التعبير عن فراغ وطني و عجز سياسي…
يتعلق الأمر بالفشل المستمر مادام التركيز منصبا بسذاجة على المؤسسات و الحلول الآنية مكان القيم و العقليات و ترسيخ الممارسات بصدق.
توفيق بوشري
tbouchari@hotmail.com
www.tbouchari.ektob.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق