الثلاثاء، 20 مارس 2018

نص قصصي: الآلة الكاتبة والقلم

بقلم رضوان تدلاوي

هناك، في أعلى الرف خلف المجلدات وضعت قلمي وبجانبه آلتي الكاتبة. لأني وببساطة سئمت من شجارهما وتصرفاتهما غير المفهومة إطلاقا. بدأ هذا الصراع في لحظة الخلط بين الحق والباطل، وبين الغوص في الحقيقة والإمعان في تجاهلها. وضعت ذات يوم ورقة في الآلة الكاتبة نزولا عند رغبة أناملي، لتشك وتنتقد وتناقش، كانت النتيجة مجرد ضرب سريع على أزرارها الذهبية وورقة مملوءة بالفراغات كل ما كتب فيها كان: وطن..................شعبه....................................................حدث هذا عدة مرات وكانت تدهشني هاته النتيجة مرارا وكأنها تحدت للمرة الأولى كل مرة، حدت أن نادى علي القلم في إحدى المرات وأنا في قمة الحيرة وشدة الاندهاش. قائلا: سأكتب ما عجزت عن كتابته. إنها جبانة ولا تجيد كتابة الحقيقة. ترد عليه: لا أريد إيقاع نفسي في المشاكل وأود الحفاظ على مستواي الراقي.. يجب أن تكون بيننا الفواصل الشاسعة أيها الأحمق. إن غض طرفي وكتم صوتي يخدم مصالحي، وإن تجرأت وفعلت شيئا فلن أمررها لك أبدا بسلام. لم أر أي ردة فعل من القلم، ضعفه أجبره على الصمت رغما عنه. حملته وحاولت أن أكتب الجملة التي لم تكتبها الآلة.. لكن جف حبره من الخوف. وفي حضرة القضاء لا فارق غير ما تشكله وتقدمه الحجج. نشب الشجار والألفاظ تطلق دون اعتبار، وفي ذروة الصراع، أتدخل وأوقف كل شيء، وأضعهما جانبا، أنصرف عنهما. وفي لجة السؤال أتوه. هل سيتفقان يوما على كتابة عنوان...؟ "وطن يعيش شعبه دون معاناة" لن أطيل عليكم وصفهما ووصف حالهما، فهما كالشمس والقمر، أتمنى أن يلتقيا قبل الموعد، ويخسفا بكل ما يزعج كيان كل إنسان، أبيض أو أسود، فقيرا أو غنيا كان، ويكون الاستقرار والأمان هما العنوان، في عالم دون طغيان..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق