الأربعاء، 9 أكتوبر 2019

بأي حال عدت يا يوم المدرس المغربي؟


حلت قبل أيام قليلة ككل سنة ذكرى اليوم العالمي للمدرس، 5 أكتوبر.. هذا الذي من المفروض أن يؤسس الأوطان من خلال بناء وتشييد الأجيال وصناعتها صنعا يصل بها إلى أفق يحقق الإنسانية والتحضر والتقدم انطلاقا من القيم والأخلاق والمعرفة والفكر، إنها أسس لا غنى عنها لمن أراد حقا أن يستمر وجوده ويمجَّد تاريخه بين الأمم والدول، ولكن مع الأسف ليس هذا حال كل الشعوب، وطبعا من المستحيل أن نستثني المغرب من الأسف والتأسف، ربما نكون هنا ضد رئيس الحكومة الحالي المسمى قيد تجربة حزبه الفاشلة سعد الدين العثماني، والذي صرح في لقاء أخير للصحافة بأنه لا توجد أزمة في تعليمنا بل كل ما هنالك هو مشاكل، مضيفا أن الدليل هو كون الناس يدرسون بشكل عادي. ربما نسي السيد رئيس الحكومة أن اجترار الكلام وخاصة الكلام الفارغ لا يمكن حقا أن يشوش على الحقيقة، على الواقع. إنما هي فقط مراوغات بئيسة للموت بسلام وتغطية الشمس بغربال أو بقطعة زجاج جد شفافة.

لا أحتاج إلى كثير أدلة لكي أخبر السيد العثماني بأن أوهامه ستزيد من احتقار كونه مجرد بيدق مرر المخزن من خلاله المزيد من الاعتداءات على كل محاولة لهذا الشعب في الانعتاق والخروج من فوهة الاستعباد المُقَنّع بالديموقراطية البلهاء. سيدي الرئيس لن أدخل في تفاصيل سياستنا المضحكة، ولكن سأطلعك على ما يحضرني الآن بمناسبة اليوم العالمي المجيد للمدرس، أشعر بالضحك الممتزج بالمرارة، فأنا الآن أشتغل في مؤسسة لم تكتمل الأشغال بها بعد بشكل نهائي، صحيح أن الدراسة بدأت ولكن في ظل أية ظروف؟ في ظل غياب الكهرباء ومشكلات في الماء الصالح للشرب، ناهيك عن استئناف إصلاح الحجرات، هذا دون الحديث عن الحاجة إلى تغيير الكثير من الطاولات، صحيح أن التلاميذ ربما هم المسؤولون عن التخريب ولكنهم فقط يعبرون عن علاقتهم بالمدرسة التي نجحتم أنتم وأسلافكم في جعلها مكانا مغضوبا عليه لا يصلح ولا لتقديم المعلومات والمعرفة فما بالك بالتربية وصنع الإنسان. وينضاف إلى ذلك الخصاص المهول في الأطر الإدارية، والاكتفاء بالترقيع من خلال مدير مكلف خارج مهامه الأصلية وما رافق ذلك من استحالة الاستقرار، ناهيك عن اختلالات البنية التربوية وتأخير البث في تدبير الخصاص وتصريف الفائض وما يترتب عنه من تحويل لرجال ونساء التعليم إلى مجرد أدوات يتم توزيعها على رقعة شطرنج مريضة في الأصل دون مراعاة لأية قيمة اعتبارية لهذا المعلم الذي كاد أن يكون رسولا فأصبح آجورة لسد ثقوب وليْت ذلك يقدم مصلحة حقيقية، بل في الغالب مجرد تهرب من المسؤولية وسعي من المسؤولين إلى إظهار القوة والقدرة على تصريف الأعمال بغض النظر عن أية نتائج نبيلة مفترضة، ولا أدل على هذا من طلب المسؤولين أحيانا وبشكل مزر من الأساتذة أنفسهم أن يحرسوا التلاميذ إذا لم يكن ممكنا تدريسهم بسبب الاكتظاظ مثلا.. انتظر سيدي رئيس الحكومة وأنت سيدي الوزير الرائع الذي قبل أن يضع نفسه في وضع مخز عندما آثر أن يعاقب أستاذة فضحت حالة مزرية لمؤسسة من بين مؤسسات عدة سبق لي شخصيا أن اشتغلت في إحداها، فأصلحتُ النوافذ والأبواب شخصيا... عوض أن يعترف بكل جرأة بالنقائص ويتعهد على الأقل بالقيام بكل ما يمكن للإنقاذ وإن ترقيعا. بيد أنه فضل الكذب وهو وزير تربية ورافقه في ذلك بقية المسؤولين إلى المدير والمدرسين المساكين الذين لم يعودوا يحملون رسالة، بقدر ما صاروا يحاربون البطالة باحثين عن "طرف ديال الخبز".. لنعد إلى تجربتي الخاصة، لن أحكي لك عن المؤسسات التي عملت فيها سابقا، والتي كنت فيها مشرفا على مطعم مدرسي، أطعمت صغاري بيدي عندما غاب المكلف بالمطعم لأنكم لم تؤدوا إليه "2 فرانك"، أصلحت أقساما من جيبي رفقة زملائي وصبغت طاولاتي... والنتيجة أنه بدل التثمين والدعم، كنتم تزيدون تواليا من تفاقم الاكتظاظ، حتى لم يعد ممكنا ولو حراسة التلاميذ ومراقبتهم، فكيف بتربيتهم وتدريسهم.. وهذه فقط إشارات من عديد خروقات.. وها أنا اليوم كأستاذ للتعليم الثانوي التأهيلي أستجدي الأقلام من أجل أبناء هذه الأمة، وتارة أشتريها من مالي الخاص الذي لم تحددوا لي فيه في أجرتي شقا يخص اقتناء مستلزمات التدريس، كما أنه من المستحيل استعمال وسائل أصبحت عادية في بلدان ليست بالجد متحضرة من قبيل المسلاط وغيره، فهي غير متوفرة وأجزم أن أغلب المؤسسات تعاني من جراء ذلك، هذا دون الحديث عن عدم توفر حجرات مجهزة لتشغيلها إن توفرت الوسائل أصلا.. هذا ولا أنسى العودة إلى الاكتظاظ في ضرب صارخ لحق هؤلاء المتعلمين في جو مناسب للتربية والتعليم ما يدفع أغلب الأساتذة الذين أبارك لهم يوم المدرس المجيد! إلى الدرس الإلقائي ما يزيد مشاكل التعليم حسب السيد العثماني وليس أزمة على حد قوله تفاقما.. فهل هذه هي مدرسة النجاح التي ستقطع مع الجهل وانعدام القيم والبلادة وترقى بالإنسان المغربي ليصير أهلا بهذا الوطن الذي يزيد عمره عن أربعة عشر قرنا من التاريخ العظيم؟ كل عام ومدرسو المغرب المنتظر بصبر وتضحية وعلو عن كل النوايا الفاسدة والمؤامرات البشعة..

توفيق بوشري
الجديدة

الاثنين، 11 فبراير 2019

الايديولوجيا العدسية..

لقد اكتشفت بحمد الله وبعد أبحاث مستفيضة للغاية، الأسباب الحقيقية الكامنة وراء مبادرة زيرو ميكا التي أسالت الكثير من المداد ولكن دون أن يتم وضع الأصبع على الداء كما نقول. لقد توصلت إلى أن الدولة تريد أن نستعمل أكياس ورقية خاصة فيما يتعلق بالقطاني، وفعلا تم لها ما أرادت بشكل شبه تام، والدليل هو أن العدس تشتت ليا في غفلة مني وطفقت أنظر إليه مثل عقد غولة انفرط وهي تقفز خلف غول تيتيز يعجبها كثيرا.. حزنت وأنا أمسك بقوة بالكيس الفارغ شاعرا بالخجل والمارة يحملقون تارة فيّ وتارة في العدس اللئيم وبينهم مبتسم وآخر صائح: سيحة القايد.. أو.. يا لطيف.. المهم هو أنني لم أكتف بهذا الاكتشاف، بل استجمعت نفسي وبان الشرر في عينيّ وقررت أن أبادر لكي لا تشمت فيّ الدولة، خاصة وأنا أسمح في عدسي الذي دفعت ثمنه نقدا كاش، وأعود لأشتري من جديد، باش العدس ديال كندا يتباع هههه.. قررت أن أمانع.. فهرعت إلى البيت جريا وأحضرت مكنستي الكهربائية وعدت إلى مسرح الجريمة الخفية الايديولوجية.. بحثت عن أقرب محل وطلبت منه استعمال قابس الكهرباء لتشغيل الماكنة ولكنه لم يوافق بدعوى أنها تفوق 2000 واط.. لكن صاحب المقهى أطال الله في عمر زبائنه وقيض الله الخفي منهم ليقصدوا مقهاه بغير إشهار منه وقف بجد قال: أنا لها وإني معك من الممانعين المعارضين المفشلين لمخططات الماكرين.. فأمر النادل ليمكنني من تشغيل المكنسة.. وفعلا شرعت أجمع عدسي ومعه الحجارة والغبار وبعض النفايات والناس يستغربون ويتعجبون ومنهم من فغر فاه أو قهقه حتى اكتشفنا حقيقة فمه المهدوم هههه.. ولما أنهيت، شكرت صاحب المقهى وانصرفت وقد حصلت على عدسي.. وما زلنا ننقيه حتى لحظة كتابة هذه الفقرة من كتابنا قيد التأليف..


" الكشف المبين في خفايا إيديولوجيا خطاب زيرو ميكا اللعين "

الأحد، 10 فبراير 2019

حَلْم المْحَبّة..



إلى جيتك صدري عاري 
قصدت صورتي فمرايتك 
ماشي بقرايتي ولا بقرايتك 
بالإنسان الساكن فيا وفيك 
يفيّق فينا الحب الساري 
فقلوب غطاها الظلام 
حتى كذّبَتْ نورها 
وتاقت بالحقد دين وإيمان 
حتى اختل الميزان 
حتى ما بقى أمل بان 
حتى ما بقا أمان 
بحال إلا عمرو ما كان.. 
.. 
وعلاش ما تجينيش بصدرك 
نيشان.. 
فاتح ليا يديك بحور ووديان 
بمحبة ما واقفة على شرط 
حابس فحلق الوقت 
خانق بيناتنا البسمة 
حتى خفاها بالمكر الزمان 
.. 
علاش ما تجينيش 
كي نجيك 
علاش ما تعنقش أفكاري 
ونعنق فيك أسرارك 
نرقاو بهبالنا 
لسماه الزاهية 
المايلة لجيهة دين الحب.. 
.. 
جيني 
نجيك 
قتلني بالشوق ليا فيا 
نفنيك بالعشق فيك ليا 
يمكن يكتاب 
نعاودو بالفهامة 
نعرّفو كلمة الأحباب 
اللي ربي فسماه 
خلقهم من تراب 
وقدر عليهم السلم مكتاب 
إلى تابو للحكمة 
وعاقو باللي سباب العذاب 
قراية اللوح بالمقلوب 
حتى ضحك الشيطان 
بين الارض السابعة 
والسما الغايبة 
حتى شبع دم 
وتفرج فبنادم 
كيبني ويهدم 
وما حشم.. 
حتى ما فهم وهو شيطان 
آش هاذ الهم..؟ 
.. 
جيني 
نجيك 
كاشفين صدورنا 
قابلين عيوبنا 
فاتحين قلوبنا 
قاتلين العداوة 
بسلاح العقل والصفاوة 
ذابحين الجهالة 
بالعلم والنقاوة 
شايفينا فينا 
وردة 
مغروسة بينا 
فايحة بعطور 
منا لينا.. 
منا لينا 
منا لينا 
توعينا فين ما تهنا وعمينا.. 




توفيق بوشري 
الجديدة 
يناير 2019

السبت، 2 فبراير 2019

نص مسرحي قصير جدا:


جمر تحت الرماد..[1]

على الخشبة يقف خمسة أشخاص يجسدون آلهة يونانية، زيوس، أفروديت، أبولون، ديونيزيوس وأثينا.
يدخل شخصان، أحدهما اسمه إنسان، من الزمن المعاصر ويحمل أفكار مشوشة حول بدايات الفلسفة والشخص الآخر يجسد شخصية اسمها سؤال يحاول أن يوصله إلى معرفة الأمور بشكل حقيقي.
ينطق الشخص الذي يجسد الإله زيوس: نحن الآلهة.. وأنا كبيرهم..
-         إنسان: أستغفر الله العظيم.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..
-         سؤال: يضحك.. ما بك يا هذا؟
-         إنسان: علاه ما سمعتيش شنو قال هاذ الزنديق؟
-         سؤال: ويلي بّا..
-         إنسان ينظر صوب سؤال مستغربا متعجبا.
-         سؤال: نحن الآن في اليونان القديمة..
-         إنسان: كفار زعما؟
-         سؤال: هم لم يعرفوا الديانات التوحيدية.. بل عاشوا قبلها بآلاف السنين..
-         إنسان: ما عند باباهم ملة؟
-         سؤال: تخيل نفسك في هذا العالم قبل أية رسالة أو ديانة سماوية، ضعيفا أمام هذا الكون وهذه الطبيعة وظواهرها القاهرة.. الزلازل.. البراكين...
-         الإله زيوس: أنا ملك الآلهة، سماني الشاعر هزيود بصانع الرعد.. الواليد عندي سميتو كرونوس.. وكان يأكل أبناءه خشية أن يقتلوه.. إلا أن والدتي الإلهة ريا خدعت والدي وخبأتني في كهف وفي الأخير انتصرتُ على والدي وهزمته وأصبحت أنا ملك الآلهة..
-         إنسان: واعر.. (يتوجه نحو سؤال) وكيفاش هاذ خوتنا اليونان تصوروا الآلهة على شكل إنسان بحالهم؟
-         سؤال: الإنسان يبحث عن شيء ملموس لكي يفسر ما يعجز عن فهمه، لذلك اخترع الآلهة على شاكلته مع فارق القوة الخارقة والقدرة المطلقة..
-         إنسان: وشكون هاذ ختنا؟
-         الإلهة أفروديت: أنا؟ ألا تعرفني؟ أنا أفروديت إلهة الحب والجمال..
-         إنسان يقاطعها: ياك آ لالة؟ يبتسم..
-         سؤال: وا خونا بنادم.. خلي الآنسة الإلهة تقدم لينا راسها..
-         إنسان: ها أنا.. (يضع يده على فمه)
-         الإلهة أفروديت: يسميني الرومان فينوس، أنا ابنة زيوس (تشير إليه) وديون.. ما كايناش معانا..
-         إنسان: مشات تزوج شباب اليونان؟
-         سؤال: والله إنك لإله الثرثرة..
-         إنسان يصمت ويضع يده على فمه مجددا.
-         أفروديت: سأخبركم أمرا غريبا.. كان لي معبد خاص بي وكانت العبادة عبارة عن ممارسة النساء والرجال العهارة تقربا وعبادة.. تضحك..
-         إنسان يستغرب بصمت..
-         الإله ديونيزوس: ما شفتي والو.. أنا ديونيزوس وهناك من يسميني باخوس، أنا إله الخمر والنشوة والابتهاج..
-         إنسان: الشراب والزهو والنشاط نعام آ السي..
-         الإله ديونيزوس: والجنون والحيحة هههههههه.. المهم تانا والدني هاد زيوس (يشير إليه).. ومن الحكايات ديالي واحد المجموعة من القراصنة ولاد الحرام الله يسمح ليا..
-         إنسان: الله يسمح ليك؟
-         الإله ديونيزوس: العظم ما فيه لسان.. زعما اللسان ما فيه عظم.. خوك ديما سكران هههههه. فين خليناها..
-         سؤال: عندما ألقى القراصنة عليك القبض..
-         الإله ديونيزوس: قالك شدوني حيت كنت سكران، شارب النبيذ، الخمر زعما.. وعييت ما نقنعهم أنني إله ولكن والو ضحكوا عليا ولكن تانا وريت باباهم.. ملأت القارب بالخمر فأغرقتهم جميعا في البحر..
-         إنسان: وا إله نيت..
-         الإله ديونيزوس: شي كويس خونا الإنسان؟
-         إنسان: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..
-         سؤال: راه قلنا ليك أساطير وقبل الميلاد واش نتا سكران ههههههه..
-         إنسان: وأساطير نيت..
-         سؤال: إنها البدايات يا عزيزي..
-         الإله أبولون: اصمتوا جميعا، السكات (إيفري بادي everybody..( أنا إله الشمس والحقيقة.. إله الشعر والرقص والشفاء.. أنا حامي الشعراء..
-         إنسان: يا سلام عليك..
-         سؤال مقطبا.
-         الإله أبولون: وأنا أيضا ابن زيوس (يشير إلى زيوس)..
-         إنسان: هذه أساطير.. بحال الحجايات ديالنا..
-         سؤال: ها نتا بديتي تفهم.. الإنسان ينسج الحكايات الخيالية لكي يفسر ما يستعصي عليه فتهدئ من قلقه وتُمْتِعه...
-         إنسان: هادشي أكل الدهر عليه وشرب..
-         سؤال: ولكنه مرحلة أساسية لكي ننتقل إلى تفكير عقلي..
-         إنسان: الفلسفة زعما؟
-         الإلهة أثينا: شوف فيا هنا.. أنا إلهة الحكمة والشجاعة والإلهام..
-         إنسان: كاع هادشي..
-         الإلهة أثينا: والحضارة والقانون والحرب والرياضيات والقوة والفنون... ويعرفني الرومان باسم مينيرفا.. أو يقولون بأننا اندمجنا أنا ومينيرفا لنشكل إلهة الحكمة والعقل..
-         إنسان: وقل ربي زدني علما.. وآشمن عقل فهادشي (متوجها إلى سؤال)؟
-         سؤال: تحت الرماد كيكون الجمر..
-         إنسان: دابا الفلسفة جات من الخرافة؟
-         سؤال: (يمسك بإنسان من يده) آجي معايا..
(يغادر الجميع)
(نهاية المشهد الأول)
المشهد الثاني:
على الخشبة شخص يجسد شخصية طاليس يفحص التراب والماء وبعض عناصر الطبيعة ويتأمل من حوله...
يصرخ طاليس: لقد وجدتها: أصل هذا العالم ماء..
يدخل إنسان وسؤال..
إنسان: ماذا قال.. شنو كيقول هاذ خونا؟
سؤال: إنه طاليس أحد الحكماء السبعة الذين عاشوا قبل الميلاد.. لقد استنتج أن النبات والحيوان يتغذى بالرطوبة ومبدأ الرطوبة هو الماء.. فتوصل إلى أن أصل الكون والوجود الماء..
إنسان: وكيدار هاذ خونا وصل لهادشي فزمان الخرافة؟ كان عالم؟
سؤال: وفنظرك فزمان الأسطورة يمكن لينا نهدرو على علم؟
إنسان: ونسولوك نتا نيت..
سؤال: طاليس هنا خرج من الأسطورة إلى محاولة تفسير نشأة العالم بشيء طبيعي..
إنسان: وفين الفلسفة هنا؟
سؤال: مجرد التفكير في رد التنوع والكثرة لشيء واحد هو ما يسمى الحدس الفلسفي.. يعني استنتاج ذكي قدر يفهم أن هادشي كامل جاي من حاجة وحدة أو عنصر واحد.. فهمتيني ولا لا؟
طاليس: وأما أناكسيمانيس فقال بأنه الهواء..
إنسان: كيفاش؟
سؤال: يقصد أن الهواء ألطف من الماء وهو لامتناه ويحيط بالعالم ويحمل الأرض..
إنسان: هذا ما علم ما والو.. ماشي هادشي اللي كنعرفو دابا..
سؤال: راه قلنا ليك يالله الناس خرجو من الأسطورة وكيحاولو يفكرو بالعقل وقبل الميلاد آ مولاي..
طاليس: وهناك من قال بالنار والتراب وغيرها..
إنسان: إذن الفلسفة هي فاش بداو يفكرو فأصل الكون والوجود..
سؤال: تماما غير هو بطريقة عقلية وليس عن طريق الحكايات الأسطورية.. كيسميو هاذ المرحلة الفلسفة الطبيعية..
إنسان: حيت فكرت فالطبيعة؟
سؤال: حيت فسرت نشأة العالم بعناصر طبيعية ملموسة وماشي بالآلهة والمعجزات..
إنسان: داكشي علاش يمكن قراونا باللي الفلسفة هي محبة الحكمة.. زعما البحث عن المعرفة..
سؤال: بديتي كتفهم نعام آ السي.. يضحك..
في هذه اللحظة يدخل شخص يجسد شخصية سقراط..
سقراط: اعرف نفسك بنفسك..
إنسان: شكون هاذ خونا؟
سؤال: هذا سقراط، جاء بعد الحكماء الطبيعيين ويقولون بأنه أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض.
إنسان: وهيّاش؟
سؤال: يعني بعد ما بدات الفلسفة كتفكير في نشأة الكون ستتجه إلى التفكير في الإنسان وقضاياه: السياسة، الفضيلة، الخير، السعادة، الجمال.. واشتهر بادعائه الجهل وأنه يبحث عن المعرفة ولا يمتلكها.. ما سمعتيش شنو قال؟
إنسان: شنو..
طاليس: يا هذا.. اعرف نفسك بنفسك..
إنسان: أنا أعرف نفسي..
طاليس: وماذا تعرف عن نفسك.
إنسان: أنا إنسان.
طاليس: وما الإنسان؟
إنسان: (متوجها إلى سؤال) هذا غادي يتفلسف علينا..
سؤال: إذا كنت تعرف فأجب..
إنسان: الإنسان كائن عاقل..
طاليس: ماذا عن الحمقى؟
إنسان: الأحمق إنسان فقد عقله.
طاليس: إذا كان العقل هو تعريف الإنسان فإن فقدانه ينفي هذه الصفة عن صاحبها..
إنسان: كلام منطقي..
سؤال: هذا تفكير فلسفي..
إنسان: وا فشكل هاذ الفلسفة..
سؤال: إنه الجمر الذي خرج من رماد الأسطورة ليشعل نار الأسئلة..
يغرق إنسان في تأمل عميق وسؤال يحوم حوله بهدوء وكأنه يدفعه للتساؤل والتفكير..
انتهى..



توفيق بوشري
الجديدة


[1]  النص عبارة عن اشتغال مسرحي موجه لمستوى الجذع المشترك بالثانوي التأهيلي، مادة الفلسفة.