جمر تحت الرماد..[1]
على الخشبة يقف خمسة أشخاص يجسدون آلهة يونانية، زيوس،
أفروديت، أبولون، ديونيزيوس وأثينا.
يدخل شخصان، أحدهما اسمه إنسان، من الزمن المعاصر ويحمل
أفكار مشوشة حول بدايات الفلسفة والشخص الآخر يجسد شخصية اسمها سؤال يحاول أن
يوصله إلى معرفة الأمور بشكل حقيقي.
ينطق الشخص الذي يجسد الإله زيوس: نحن الآلهة.. وأنا
كبيرهم..
-
إنسان: أستغفر الله العظيم.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..
-
سؤال: يضحك.. ما بك يا هذا؟
-
إنسان: علاه ما سمعتيش شنو قال هاذ الزنديق؟
-
سؤال: ويلي بّا..
-
إنسان ينظر صوب سؤال مستغربا متعجبا.
-
سؤال: نحن الآن في اليونان القديمة..
-
إنسان: كفار زعما؟
-
سؤال: هم لم يعرفوا الديانات التوحيدية.. بل عاشوا قبلها بآلاف السنين..
-
إنسان: ما عند باباهم ملة؟
-
سؤال: تخيل نفسك في هذا العالم قبل أية رسالة أو ديانة سماوية، ضعيفا أمام
هذا الكون وهذه الطبيعة وظواهرها القاهرة.. الزلازل.. البراكين...
-
الإله زيوس: أنا ملك الآلهة، سماني الشاعر هزيود بصانع الرعد.. الواليد
عندي سميتو كرونوس.. وكان يأكل أبناءه خشية أن يقتلوه.. إلا أن والدتي الإلهة ريا
خدعت والدي وخبأتني في كهف وفي الأخير انتصرتُ على والدي وهزمته وأصبحت أنا ملك
الآلهة..
-
إنسان: واعر.. (يتوجه نحو سؤال) وكيفاش
هاذ خوتنا اليونان تصوروا الآلهة على شكل إنسان بحالهم؟
-
سؤال: الإنسان يبحث عن شيء ملموس لكي يفسر ما يعجز عن فهمه، لذلك اخترع الآلهة
على شاكلته مع فارق القوة الخارقة والقدرة المطلقة..
-
إنسان: وشكون هاذ ختنا؟
-
الإلهة أفروديت: أنا؟ ألا تعرفني؟ أنا أفروديت إلهة الحب والجمال..
-
إنسان يقاطعها: ياك آ لالة؟ يبتسم..
-
سؤال: وا خونا بنادم.. خلي الآنسة الإلهة تقدم لينا راسها..
-
إنسان: ها أنا.. (يضع يده على فمه)
-
الإلهة أفروديت: يسميني الرومان فينوس، أنا ابنة زيوس (تشير إليه) وديون..
ما كايناش معانا..
-
إنسان: مشات تزوج شباب اليونان؟
-
سؤال: والله إنك لإله الثرثرة..
-
إنسان يصمت ويضع يده على فمه مجددا.
-
أفروديت: سأخبركم أمرا غريبا.. كان لي معبد خاص بي وكانت العبادة عبارة عن
ممارسة النساء والرجال العهارة تقربا وعبادة.. تضحك..
-
إنسان يستغرب بصمت..
-
الإله ديونيزوس: ما شفتي والو.. أنا ديونيزوس وهناك من يسميني باخوس، أنا
إله الخمر والنشوة والابتهاج..
-
إنسان: الشراب والزهو والنشاط نعام آ السي..
-
الإله ديونيزوس: والجنون والحيحة هههههههه.. المهم تانا والدني هاد زيوس
(يشير إليه).. ومن الحكايات ديالي واحد المجموعة من القراصنة ولاد الحرام الله
يسمح ليا..
-
إنسان: الله يسمح ليك؟
-
الإله ديونيزوس: العظم ما فيه لسان.. زعما اللسان ما فيه عظم.. خوك ديما
سكران هههههه. فين خليناها..
-
سؤال: عندما ألقى القراصنة عليك القبض..
-
الإله ديونيزوس: قالك شدوني حيت كنت سكران، شارب النبيذ، الخمر زعما..
وعييت ما نقنعهم أنني إله ولكن والو ضحكوا عليا ولكن تانا وريت باباهم.. ملأت
القارب بالخمر فأغرقتهم جميعا في البحر..
-
إنسان: وا إله نيت..
-
الإله ديونيزوس: شي كويس خونا الإنسان؟
-
إنسان: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..
-
سؤال: راه قلنا ليك أساطير وقبل الميلاد واش نتا سكران ههههههه..
-
إنسان: وأساطير نيت..
-
سؤال: إنها البدايات يا عزيزي..
-
الإله أبولون: اصمتوا جميعا، السكات (إيفري بادي everybody..(
أنا إله الشمس والحقيقة.. إله الشعر والرقص والشفاء.. أنا حامي الشعراء..
-
إنسان: يا سلام عليك..
-
سؤال مقطبا.
-
الإله أبولون: وأنا أيضا ابن زيوس (يشير إلى زيوس)..
-
إنسان: هذه أساطير.. بحال الحجايات ديالنا..
-
سؤال: ها نتا بديتي تفهم.. الإنسان ينسج الحكايات الخيالية لكي يفسر ما
يستعصي عليه فتهدئ من قلقه وتُمْتِعه...
-
إنسان: هادشي أكل الدهر عليه وشرب..
-
سؤال: ولكنه مرحلة أساسية لكي ننتقل إلى تفكير عقلي..
-
إنسان: الفلسفة زعما؟
-
الإلهة أثينا: شوف فيا هنا.. أنا إلهة الحكمة والشجاعة والإلهام..
-
إنسان: كاع هادشي..
-
الإلهة أثينا: والحضارة والقانون والحرب والرياضيات والقوة والفنون... ويعرفني
الرومان باسم مينيرفا.. أو يقولون بأننا اندمجنا أنا ومينيرفا لنشكل إلهة الحكمة
والعقل..
-
إنسان: وقل ربي زدني علما.. وآشمن عقل فهادشي (متوجها إلى سؤال)؟
-
سؤال: تحت الرماد كيكون الجمر..
-
إنسان: دابا الفلسفة جات من الخرافة؟
-
سؤال: (يمسك بإنسان من يده) آجي معايا..
(يغادر الجميع)
(نهاية المشهد الأول)
المشهد الثاني:
على الخشبة شخص يجسد شخصية طاليس يفحص التراب والماء وبعض عناصر الطبيعة
ويتأمل من حوله...
يصرخ طاليس: لقد وجدتها: أصل هذا العالم ماء..
يدخل إنسان وسؤال..
إنسان: ماذا قال.. شنو كيقول هاذ خونا؟
سؤال: إنه طاليس أحد الحكماء السبعة الذين عاشوا قبل الميلاد.. لقد استنتج
أن النبات والحيوان يتغذى بالرطوبة ومبدأ الرطوبة هو الماء.. فتوصل إلى أن أصل
الكون والوجود الماء..
إنسان: وكيدار هاذ خونا وصل لهادشي فزمان الخرافة؟ كان عالم؟
سؤال: وفنظرك فزمان الأسطورة يمكن لينا نهدرو على علم؟
إنسان: ونسولوك نتا نيت..
سؤال: طاليس هنا خرج من الأسطورة إلى محاولة تفسير نشأة العالم بشيء
طبيعي..
إنسان: وفين الفلسفة هنا؟
سؤال: مجرد التفكير في رد التنوع والكثرة لشيء واحد هو ما يسمى الحدس
الفلسفي.. يعني استنتاج ذكي قدر يفهم أن هادشي كامل جاي من حاجة وحدة أو عنصر
واحد.. فهمتيني ولا لا؟
طاليس: وأما أناكسيمانيس فقال بأنه الهواء..
إنسان: كيفاش؟
سؤال: يقصد أن الهواء ألطف من الماء وهو لامتناه ويحيط بالعالم ويحمل
الأرض..
إنسان: هذا ما علم ما والو.. ماشي هادشي اللي كنعرفو دابا..
سؤال: راه قلنا ليك يالله الناس خرجو من الأسطورة وكيحاولو يفكرو بالعقل
وقبل الميلاد آ مولاي..
طاليس: وهناك من قال بالنار والتراب وغيرها..
إنسان: إذن الفلسفة هي فاش بداو يفكرو فأصل الكون والوجود..
سؤال: تماما غير هو بطريقة عقلية وليس عن طريق الحكايات الأسطورية.. كيسميو
هاذ المرحلة الفلسفة الطبيعية..
إنسان: حيت فكرت فالطبيعة؟
سؤال: حيت فسرت نشأة العالم بعناصر طبيعية ملموسة وماشي بالآلهة
والمعجزات..
إنسان: داكشي علاش يمكن قراونا باللي الفلسفة هي محبة الحكمة.. زعما البحث
عن المعرفة..
سؤال: بديتي كتفهم نعام آ السي.. يضحك..
في هذه اللحظة يدخل شخص يجسد شخصية سقراط..
سقراط: اعرف نفسك بنفسك..
إنسان: شكون هاذ خونا؟
سؤال: هذا سقراط، جاء بعد الحكماء الطبيعيين ويقولون بأنه أنزل الفلسفة من
السماء إلى الأرض.
إنسان: وهيّاش؟
سؤال: يعني بعد ما بدات الفلسفة كتفكير في نشأة الكون ستتجه إلى التفكير في
الإنسان وقضاياه: السياسة، الفضيلة، الخير، السعادة، الجمال.. واشتهر بادعائه
الجهل وأنه يبحث عن المعرفة ولا يمتلكها.. ما سمعتيش شنو قال؟
إنسان: شنو..
طاليس: يا هذا.. اعرف نفسك بنفسك..
إنسان: أنا أعرف نفسي..
طاليس: وماذا تعرف عن نفسك.
إنسان: أنا إنسان.
طاليس: وما الإنسان؟
إنسان: (متوجها إلى سؤال) هذا غادي يتفلسف علينا..
سؤال: إذا كنت تعرف فأجب..
إنسان: الإنسان كائن عاقل..
طاليس: ماذا عن الحمقى؟
إنسان: الأحمق إنسان فقد عقله.
طاليس: إذا كان العقل هو تعريف الإنسان فإن فقدانه ينفي هذه الصفة عن
صاحبها..
إنسان: كلام منطقي..
سؤال: هذا تفكير فلسفي..
إنسان: وا فشكل هاذ الفلسفة..
سؤال: إنه الجمر الذي خرج من رماد الأسطورة ليشعل نار الأسئلة..
يغرق إنسان في تأمل عميق وسؤال يحوم حوله بهدوء وكأنه يدفعه للتساؤل
والتفكير..
انتهى..
توفيق بوشري
الجديدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق